قدرة الموقع الاجتماعي الأكثر شهرة "الفايسبوك" على الوصول لملايين المواطنين المسلمين عبر خيوط العالم الافتراضي، جعله قِبلة للنقاشات السياسية، الاجتماعية، الرياضية، وكذلك الدينية التي تحظى بعدد هائل من الصفحات والمجموعات والتطبيقات داخل هذا الموقع، باعتبار أن الشأن الديني يحتل مساحة كبيرة من تفكير الإنسان المسلم بشكل عام.
غير أن هذه السهولة في استخدام الموقع لأغراض دينية، جعلت من المواقع واجهة للكثير من الأفكار التي يُلمس فيها نوع من التعصب، وكذلك لاستخدامه في نشر بعض التأويلات الخاطئة وبعض الشائعات للتأثير على الوجدان المسلم وضم أكبر عدد من المتابعين.
فهناك بعض الصفحات التي تُجبر المستخدم على القَسم بالله من أجل نشر محتواها، وتتحدث عن أن كتابة تعليق على صورة معينة واجب ديني، كما تشير كذلك إلى بعض المعجزات التي لا تستند على أي أساس علمي كتخيل خريطة البحر الأبيض المتوسط على شكل اسم النبي عليه الصلاة والسلام.
غير أن الفضاء الإلكتروني، بقدر ما أنتج مثل هذا الأشكال التعبيرية، أنتج أشكالا أخرى مناوئة لها، فهناك صفحة تدعى "ضد أصحاب الخرافات ومن يستغلون الدين في الفيسبوك"، تحاول الحد من الأفكار التي تراها متشددة وظلامية، وتحاول تبيان حقيقة بعض الأمور المغلوطة كالمعنى الحقيقي لكلمة "باي" اللاتينية التي تعني "الله معك" وليس التعريف الشائع بكونها تعني" دمت في رعاية البابا"، وكذلك التذكير بقصة تلك الفتاة التي لا زالت تنشر في الفايسبوك، والتي قيل أنها مُسخت إلى قردة بسبب رميها للقرآن الكريم، في حين أن صورة تلك القردة لا تعدو وأن تكون رسما أستراليا تحول فيما بعد إلى منحوتة شهيرة.
وتوجد كذلك صفحة "تخاريف الشيوخ" التي ترد على ما تقول إنها هلوسات من الشيوخ الذين يظهرون على مجموعة من القنوات الدينية، فهذه الصفحة التي وصلت لقرابة ثمانين ألف معجب، لا تتوقف مثلا عن انتقاد الشيخ نبيل العوضي الذي يُقدم برامجه من داخل قبر ومن غرفة لغسل الموتى، وكذلك من الشيخ رسمي عجلان التي تحدث عن أن مضاجعة الرجل لزوجته أثناء فترة حملها يزيد من ذكاء طفله بفضل المني المسكوب في رحمها، كما لو تتوان نفس الصفحة المصرية عن الاستهزاء من بعض الفتاوى كفتوى سعودية بضرورة تغطية المرأة لعينيها إن كانتا جميلتين.
غير أن ذات الصفحة تنشر وتدعم في نفس الوقت بعض الاستشهادات لكثير من الكتاب الإسلاميين الليبراليين والمنفتحين ممن يرون مثلا أن الحجاب غير مفروض، الشيء الذي قد يضرب استقلاليتها.
وتوجد كذلك في الفايسبوك، مجموعة من الصفحات الدينية التي لا تنشر غير أقوال الابتهال والتذكير بضرورة العبادة كصفحة "لنجعل صفحة سيدنا محمد أكبر صفحه عالفيس بوك" والتي تجاوزت مليون ومائتي ألف معجب، وهي التي تكتب كتعريف بها: "صفحة تأخذك للجنة".